دور الرقـــمنة في تحديث التدبير العمومي
مما لا شك فيه أن الإدارة الإلكترونية قاطرة أساسية لتحديث المرافق الإدارية كما
تعد من أولويات الحكومة في البرنامج الحكومي،2016ـ2021 بحيث من بين
الأهداف المسطرة لإنجاح هذا الإصلاح: مواصلة الرفع التدريجي للطابع المادي
للمساطر ودعم استعمال التكنولوجيا الرقمية لتحسين وتسهيل حصول المواطن
على الخدمات العمومية، وكذا إحداث بوابة إلكترونية موحدة خاصة بالمعلومة العمومية
أما بخصوص نشأة وتطور الإدارة الإلكترونية، فإن أغلب الدراسات التي اهتمت
بالموضوع لم تستقر على رأي، حيث أن الأرقام التي تؤرخ لهذا الأمر متضاربة فيما
بينها. ومهما يكن فإن الظهور الحقيقي لمفهوم الإدارة الإلكترونية بدأ سنة 1993
حيث كانت حكومة الولايات المتحدة هي أول من بادر وطرق هذا المجال. كما
تناولت المنظمات الدولية مثل المجلس الاوربي موضوع الإدارة الإلكترونية، حيث
قام المجلس الاوربي بإطلاق مبادرة أوربا الإلكترونية، خلال اجتماعه الذي عقد في
لشبونة في مارس 2000.كما تعتبر فلندا،من الدول الرائدة في مجال الإدارة
الإلكترونية حيث خطت خطوات مهمة وصلت إلى مرحلة وضع التشريعات الخاصة
بهذا الموضوع. اما في المغرب فقد تم في سنة 2002 تقديم خطة عمل لتنمية
تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالإدارة المغربية في إطار المناظرة الأولى للإصلاح
الإداري المنظمة من طرف وزارة الوظيفة العمومية
وتكمن أهمية الحديث عن الرقمنة و دورها في تحديث التدبير العمومي في إصلاح
الإدارة عن طريق تغيير السلوكات و العقليات الذي يتطلب جودة القوانين من أجل
مرفق عمومي فعال يكون في خدمة المواطن. وهذا ما دعا إليه الخطاب السامي
الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره هللا بمناسبة افتتاح الدورة
الأولى من السنة التشريعية بتاريخ 14 أكتوبر 2016: ": ما يتم تعميم الإدارة
الإلكترونية بطريقة مندمجة تتيح الولوج المشترك للمعلومات بين مختلف
القطاعات و المرافق فتوظيف التكنولوجيات الحديثة يساهم في تسهيل حصول
المواطن على الخدمات في أقرب الأجال، دون الحاجة إلى كثرة التنقل و الاحتكاك
بالإدارة، الذي يعد السبب الرئيسي لانتشار الرشوة ، و بالتالي الرافعة الرقمية وسيلة
فعالة لإضفاء الشفافية .
الأمر الذي يدفعنا لطرح الإشكال الاتي: إلى أي حد ساهمت الرقمنة في تحديث
التدبير العمومي ؟
وبالتاليما هي أبرز تجليات تحديث التدبير العمومي؟
ولهذا ارتئينا تقسيم العرض وفق التصميم الاتي:
المطلب األول: اإلطار المفاهيمي والقانوني لإلدارة االلكترونية
الفرع األول: ماهية اإلدارة االلكترونية ومزاياها
الفقرة األولى: مفهوم اإلدارة االلكترونية
الفقرة الثانية:الحكومة االلكترونية
الفرع الثاني: اإلطار القانوني إلدارة اإللكترونية
الفقرة األولى: اإلدارة اإللكترونية وتفعيل الحق في الحصول على المعلومة
الفقرة الثانية: المقاربة الجديدة للتدبير الميزانياتي
المطلب الثاني: مظـــــــــاهر تحــــــــــديث التدبيـــــــر العمومــــــــــــــــي
الفرع األول:األنظمة المعلوماتية والخدماتية لوزارة المالية
الفقرة األولى: النظام المعلوماتي لوزارة االقتصاد والمالية
الفقرة الثانية: الخدمات االلكترونية للخزينة العامة للمملكة
الفرع الثاني: تحديث التدبير الضريبي
الفقرة األولى: المديرية العامة للضرائب نحو إدارة الكترونية
الفقرة الثانية: خدمات إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة
المطلب األول: اإلطار المفاهيمي والقانوني لإلدارة االلكترونية
أصبحت اإلدارة االلكترونية حقيقة واقعة في كثير من الدول،وإن لم تكتمل صورتها النهائية
بعد، نظرا لحاجتها لجهود مضنية، وأجهزة متطورة، وأنظمة ذكية، بصفة مستمرة. كما أنها تسير في
طريق جديد، مليء باآلمال والطموحات التي ال تقف عند حد، وال يستطيع أن يتوقع مصيرها النهائي أحد.
وإللقاء الضوء على حقيقة اإلدارة االلكترونية، سنعتمد النقاط التالية:
- تعريف اإلدارة االلكترونية ومزاياها )الفرع األول(
- اإلطار القانوني لإلدارة االلكترونية )الفرع الثاني(
الفرع األول: ماهية اإلدارة االلكترونية
الفقرة األولى: مفهوم اإلدارة االلكترونيةومزاياها
أوال: مفهوم اإلدارة االلكترونية
يقصد باإلدارة االلكترونية استخدام تكنولوجيا المعلومات الرقمية في انجاز المعامالت االادارية، وتقديم الخدمات المرفقية، والتواصل مع المواطنين بمزيد من الديموقراطية. ويطلق عليها أحيانا حكومة عصر المعلومات، أو اإلدارة بغير أوراق، أو اإلدارة االلكترونية، وهذا هو التعبير الادق.
ثانيا: مزايا اإلدارة اإللكترونية
يعد موضوع اإلدارة االلكترونية من أبرز التطبيقات في الميدان اإلداري الحديث، التي ظهرت خلال السنوات القليلة األخيرة، حيث يشكل هذا الموضوع عامال مؤثرا في مستقبل اإلدارة العمومية، ولهذا أصبح يحظى بأهمية بالغة في مختلف دول العالم، بالنظر إلى أنه استطاع أن يمكن االنسان من تحقيق تطلعاته، وفتح أمامه رؤى مستقبلية أرحب للرفع من كفاءة عمل اإلدارة، ناهيك عن الرفع في كل من مردودية التدبير الاداري، وكذا الرفع من مستوى التواصل اإلداري.
1 -تحقيق الشفافية والفعالية
إن ماتشهده اإلدارة العمومية من عصرنة و تحديث اداري عن طريق استعمال تكنولوجيا
المعلوميات، سيكون له انعكاسات و تأثيرات إيجابية على مفهوم المرفق العام و طبيعة الخدمة التي يقدمها للمواطنين، بحيث ستتحول كافة االعمال و الخدمات اإلدارية التقليدية التي تتسم بطول الاجراءات و كثرة األوراق و المستندات إلى أعمال و خدمات إلكترونية تنفذ بسرعة عالية، ودقة متناهية، و هكذا فإن اإلدارة االلكترونية ترمي الى تمكين المواطن من إدارة فعالة وسريعة وذات مستوى عال، يستطيع من خالل قضاء أغراضه اإلدارية بطريقة شفافة وفعالة، و ذلك بالنظر الى ماتتوفر عليه اإلدارة االلكترونية من إمكانية تدبير جيد للوقت اإلداري واختصاره، وجمع و تصنيف المعطيات بشكل يجعل أمر مراجعتها سهال و سريعا، و اختزال مراحل عديدة، الشيء الذي يترتب عنه ال محالة تحسين في األداء و المردودية.
كما أن اعتماد اإلدارة االلكترونية في العمل اإلداري يساهم بشكل كبير في إقرار المساواة بين المرتفقين والتقليص من البيروقراطية، والتخفيض من الروتين في أداء المرافق لخدماتها، ناهيك عن تحقيق شفافية أكبر في مجالي التخطيط والصفقات مما يجعل األسواق والمؤسسات تعمل بشكل أفضل.
2 -الرفع من مستوى التواصل اإلداري
تشكل تقنيات االتصال داخل اإلدارة االلكترونية أساس عملها، بحيث تساعد على تحقيق التواصل بين مختلف أقسام اإلدارة الواحدة، وبين هذه اإلدارة وباقي اإلدارات األخرى. ويحصل هذا الأمر بفضل االندماج الحاصل بين تكنولوجيا الحواسيب وتكنولوجيا االتصاالت، ثم البرمجيات، الشيء الذي ترتب عنه فتح إمكانيات هائلة وآفاق واسعة فيما يتعلق بالتنسيق بين مكونات اإلدارة والقدرة على الرقابة والتوجيه.
إن التواصل مسألة ضرورية لتحقيق التنسيق بين الجهود و استثمار نتائجها، إال أن تحقيق هذا التنسيق و التكامل بين جهود عدد كبير من األفراد، يعملون في جهات مختلفة لبلوغ هدف مشترك، يتطلب تبادل المعطيات بينهم، و بالتالي فإن طالبي هذا التنسيق لن يجدوا ضالتهم سوى في اإلدارة االلكترونية التي تستند إلى التبادل االلكتروني للمعطيات، باعتبارها النموذج الأمثل لتحقيق مآربهم، ومن تم سيستفيدون من المعالجة اآللية للمعطيات و من إمكانية تبادلها عن بعد، وبسرعة كبيرة، و بتكلفة معقولة، و بين مراكز موجودة في أماكن متباعدة.
3 -تبسيط اإلجراءات وتوفير الجهد والوقت والمال
يعتبر تبسيط المساطر واإلجراءات اإلدارية ذا أثر إيجابي على تسريع وتيرة النمو في عدة
مجاالت حيوية مرتبطة بالتنمية االقتصادية واالجتماعية، وفي هذا اإلطار تهدف اإلدارة
االلكترونية إلى جعل اإلدارة أكثر قربا من المرتفقين، وأكثر إرضاء للمتعاملين معها عن طريق الحد من العراقيل التي يصطدمون بها خاصة تعقد اإلجراءات والمساطر وطول وقتها.
وهكذا، فاإلدارة االلكترونية تتيح مكننة المساطر اإلدارية )رخص، شواهد، وثائق....( والعمل بتقنية المساطر عن بعد، التي تضع رهن إشارة العموم نماذج الطلبات واالستمارات التي يجب تعبئتها بعناية للحصول على الوثيقة المعنية، إضافة إلى إتاحة تلقي شكاياتهم على شبكة الانترنيت، األمر الذي يترتب عنه تقريب اإلدارة من المواطنين، كما يعمل على تقزيم ضغوط المسافة والمكان والوقت والتكلفة المادية.
الفقرة الثانية: الحكومة االلكترونية
أوال: مفهوم الحكومة االلكترونية
تعتبر استراتيجية الحكومة االلكترونية جزء من استراتيجية "المغرب الرقمي" التي ترمي إلى تكنولوجيا االتصاالت في خدمة التنمية البشرية ومصدرا لتحسين اإلنتاجية وتقوية القيمة
المضافة للقطاعات االقتصادية ولإلدارة العمومية، وذلك قصد تموقع المغرب كوجهة تكنولوجية جهوية.
انطلق برنامج الحكومة االلكترونية سنة 2009 ،واضعا كهدف له تطوير 89 خدمة
موجهةلإلدارات والمرتفقين والشركات. فالحكومة االلكترونية هي نظام يعتمد على تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت من قبل اإلدارات العمومية في عالقاتها مع المرتفقين والشركاء منالقطاع العام والخاص. وقد تم اعتماد هذا البرنامج من أجل استغالل التكنولوجيات الحديثة، كاإلعالم، التواصل، إلعادة تشكيل عميق للمساطر اإلدارية حتى تصبح أكثر فعالية وموجهة كليا لخدمة المواطن والمقاولة.
ثانيا: خدمات الحكومة االلكترونية
تقع أحداث حياة المواطنين والمقاوالت في صميم انشغاالت برنامج الحكومة االلكترونية، ويتجلى الهدف في توفير خدمات ذات جودة عالية للمرتفقين، مع تمكينهم من تقليص التكلفة واآلجال، فضال عن ضمان قدر كبير من الشفافية.
إن التفاعل مع اإلدارة على الخط سوف يشكل القاعدة بالنسبة للمواطنين والمقاوالت.
وهذا يتطلب أيضا، تحديثا لإلدارة واستخداما مشتركا لمواردها وبنيانها التحتية، بشكل يسمح لها،
بالموازاة مع ذلك، بتحسين الفعالية والإنتاجية.
تعليقات
إرسال تعليق